قبل ما يقارب العشرون عام تم اعتقالي والتحقيق معي في مركز التحقيق بيت حتكفا سيئ السمعة وعندما انتها التحقيق معي اقترب مني أحد المحققين وقال لي سوف يتم نقلقك إلى سجن هدريم عند مروان البرغوثي ولكني لم أخذ حديثه بجدية حيث قلت لنفسي ليس بهذه الخطورة حتى ينقلوني إلى السجن الذي فيه قائد وطني كبير مثل مروان البرغوثي لكن المحقق قد صدق معي الحديث وتم نقلي بالفعل إلى سجن هدريم وأصبح كل تفكيري كيف سوف ألتقي به وماذا سقول له حيث شعرة ببعض التوتر ولكن عندما دخلت إلى باحة السجن كان أول أسير يقف باستقبالي هو مروان البرغوثي الذي اقترب مني واحتضنني قائلا لي الحمد الله على سلامتك يا بطل.
وبكل تواضع عرف على نفسه بقوله أخوك مروان البرغوثي أبو القسام فتلعثمت وأنا أقول له أني أعرفك جيدا أخ أبو القسام ثم عرفته على نفسي وهكذا وبكل بساطه تعامل مع نفسه ومعنا كمناضل وليس كقائد أو شيء مميز عنا هكذا كان لقائي الأول به أما إلقاء الثاني فكان في باحة السجن حيث كان يجلس متربعا على أرض ساحة السجن ويحيط به عشرات الاسرى من كافة الفصائل الفلسطينية الذين كانوا يستمعون له بخشوع وهو يشرح لهم عن أهمية استمرار المقاومة والنضال حتى ينال شعبنا كافة حقوقه.
ولكن أكثر ما لفت انتباهي في تلك الفتره هي عملية ربطه المستمر مابين العملية النضالية والعملية التعليمية حيث كان أكثر ما يحزنه ويئرقه هو تلك الجدلية والتي أصبحت ظاهره في الشعب الفلسطيني وهي أن من ناضل لم يتعلم ومن تعلم لم يناضل فكان يقول لنا لا نستطيع اجبارمن تعلم أن يناضل ولكن نستطيع أن نعلم وتثقف من ناضل كان دائما وما زال يحرضنا على تعليم وكسب المعارف وكان دائما يردد مقولته وهي أن المناضل المتعلم والواعي هو خيرا من المناضل غير المتعلم وفي الإثنين خير عشرون عام وما زال مروان البرغوثي مستمرا في نضاله وعطائه والذي لم يتوقف يوما واحد في الصباح يعلم طلاب الماجستير الاقتصاد والفلسفة وفي ليل يدرس الأسرى الأميين الكتابة والقراءة عشرونا عاما وهو يعمل على بناء صرحا علميا أكاديمياً في داخل سجون الاحتلال.
وقد نجح في ذلك وها هم مئات الأسرى الذين دخلوا السجون لايحملون شهادات الثانوية يحصلون على الشهادات الجامعية العليا وهم داخل السجون عشرون عاما وهو يدفع بصخرة النضال والتعليم إلى قمة الجبل في جنة الوطن وكلما تدحرجة ودفعها الاحتلال وأعوانه إلى قاع الجهل ووادي التخاذل مع الاحتلال أعادها من جديد ليدفعها إلى القمة دون كلل أو ملل كما في سيزيف التي حكمت عليه الآلهة أن يحمل الصخرة من أسفل الجبل إلى قمة الجبل كإعقاب له .
ولكن أبو القسام هو من حكم على نفسه أن يبقى رغم كل العقبات والصعوبات ونكران الجميل من قبل أقرب الناس إليه وقلة الوفاء من الآخرين ومحاولة الاحتلال الدائمة والمستمرة لكسره داخل السجن بقي يدفع صخرة النضال والمقاومة هي القيمة في جنة الوطن وأخيراً قد نختلف معك يا أبو القسام كما علمتنا فأنت دائما كنت تقول لنا لا نريد خراف أو بصامات ولكن لا أحد يختلف عليك كقائد وطني ترك كل شيء ورائه وتقدم الصفوف الأولى في معركة الأقصى والحرية والعودة ولا احد ينسى انك كنت لوحدك جامعه أكاديمية وثوريه تخرج منها المئات والمئات من الأسرى تحيه لك ولكل من سار على دربك بالعلم والتعليم والتعلم والمقاومة عشرون عام مضوا وأنت تربي وتزرع فينا أمل عشرون عام وما زال الشعب الفلسطيني ينتظرك، أعظم الله أجركم وأجرنا على كل عام نمضي فيه بسجون الاحتلال.
التعليقات مغلقة.