رغم خطورتها، عائلات تفضّل السباحة في الشواطئ الصخرية
تشهد الشواطئ خلال هذه الصائفة، توافدا جنونيا من العائلات من شتى ربوع الوطن، التي تبحث عن طريقة للهروب من حرارة الجوّ؛ 50 درجة في بعض المناطق الداخلية. واقعٌ أدى إلى انتشار ثقافة الاستجمام على الشواطئ؛ سواء بالتخييم، أو كراء منازل بالمناطق الساحلية، أو بالتنقل يوميا من وإلى البحر بالنسبة للأكثر حظا؛ مما أدّى إلى اكتظاظ الشواطئ، وازدحام أكثرها شهرة، وهو الأمر الذي ضاقت منه بعض العائلات، فبحثت عن بدائل دون الاضطرار لإلغاء عطلتها، ليجد البعض، خصوصا من عشاق البحر والسباحة، ضالتهم في الشواطئ الصخرية المعزولة ذات الطبيعة الخلابة، والتي رغم صعوبتها إلّا أنها تمنح شعورا فريدا لا يعرفه سوى المعتادين على السباحة هناك.
فريدة حدادي
بعد أن كانت العائلات غالبا ما تبحث عن الشواطئ الرملية، الهادئة والمريحة، حتى يتمكّن الجميع من الاستمتاع بها كبيرا وصغيرا، بات، اليوم، من الضروري اختبار تجارب جديدة. ولقد ساعد ما تروّجه مواقع التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات لشواطئ بالكاد كان البعض يؤمن بوجودها في الجزائر؛ لعزلتها وصعوبة الوصول إليها، ولا يعرفها إلا سكان تلك المنطقة، أصبح التوافد على الشواطئ الصخرية أمرا متاحا للعائلات، لتجد نساءً وأطفالهن أولى النازلين إلى هذه الشواطئ منذ الصباح الباكر. ولقد خلقت هذه الثقافة لبعض العائلات مفاهيم جديدة للسياحة المحلية، وتفكيرا مختلفا عن التجوّل وتمضية أوقات ممتعة رفقة الأصدقاء والعائلة.
كما أصبح التمرّد على تحذيرات أعوان الأمن والحماية المدنية، التي تمنع السباحة في الشواطئ الصخرية والمعزولة التي تستهوي الكثيرين؛ باعتبارها خطيرة، وبعيدة عن أنظار أعوان التدخّل في حال وقوع ضحايا غرق أو مشاكل أخرى. وفي هذا الصدد، عبّر عدد من الشباب الذين حدّثتهم “الراية الجزائرية ” بأحد الشواطئ ببلدية عين طاية سركوف شرق العاصمة وأحد أكثر الشواطئ التي يعشقها هواة القفز في الماء من الشباب، عن إعجابهم الشديد بهذا النوع من الشواطئ البعيدة عن اكتظاظ المصطافين. ورغم عزلتها عن أعوان الحماية المدنية إلاّ أنها شهدت منذ أولى ساعات اليوم الأوّل من الأسبوع والذي من المفروض أن يكون يوم عمل، توافد عشرات الشباب والأطفال رفقة عائلاتهم، نصّبوا شمسياتهم بين الصخور، وطرحوا مناشفهم للجلوس عليها، وحتى إن كان الجلوس غير مريح تماما، إلاّ أن السباحة كانت تبدو ممتعة جدا، يعبّر عنها البعض بقفزات تنافسية، وضحكات متعالية، وصرخات بين الحين والآخر؛ تعبيرا عن الاستمتاع بالجو.
ومن جهتها، أوضحت بعض النساء كن رفقة أزواجهن، أن السباحة في الشواطئ الصخرية، في الحقيقة، خطيرة، لكن تبقى ممتعة أيام هدوء البحر. وقلن إنهن يثقن في مهارة أزواجهن في السباحة. ويعتمدن عليهم في حال حدوث مشاكل.
ولم يغب الأطفال عن ديكور تلك الشواطئ؛ ففي شاطئ صخري ثان بنفس البلدية “جمبار“، أثارت حلقات الأطفال دهشتنالعددهم الكبير من جهة، ونساء وحدهن من جهة أخرى. فبعد أن كانت تلك الشواطئ حكرا على الرجال والمغامرين، أصبح الجنس اللطيف يزاحمهن بشدّة، مرفقين بعتاد الغوص لممارسة هوايتهن، ولا يهمّ عمق النزول بقدر ما يهمّ استمتاعهن بمشاهدة “بانوراميك” الحياة تحت الماء؛ ذلك العالم الساحر الذي تكفي فيه نظارات وأنبوب تنفس للاستمتاع، ولو قليلا، بتلك المناظر التي لا يمكن عيشها في الشواطئ الرملية؛ لاكتظاظ عمق تلك الصخور بثروة سمكية؛ من ألوان، وأحجام، وأنواع مختلفة مثيرة للدهشة.
وفي هذا الصدد، قال أمين عون حماية مدنية، ” من ضروري الابتعاد عن مثل هكذا شواطئ “، مشيرا إلى أنّه رغم سحرها وجمالها إلّا أن المغامرة بالسباحة فيها تبقى بالغة الخطورة. ويبقى النزول إليها حافلا بالمشاكل والتهديدات، خصوصا إذا كان البحر هائجا، وأمواجه عالية، فهنا تتضاعف الخطورة، مشددا كذلك، على أهمية الابتعاد عن عادة القفز من المرتفعات، وموضحا أن الكثير من الشباب وحتى الأطفال راحوا ضحايا تلك المتعة غير العقلانية؛ فالتحلي بالحيطة والحذر، يضيف، أمران ضروريان عند النزول إلى أيّ شاطئ؛ ” فالبحر لا يؤتمَن. ويبقىخطيرا حتى على أكثر الناس مهارة في السباحة “، على حدّ قوله.
التعليقات مغلقة.