الكويف مناطق تحت الظل بتبسة منذ الاستقلال
الماء مفقود، خدمات صحية منعدمة وشباب مهمش بين الضياع ومختلف الآفات
لا فرق بين فصل الشتاء أو الصيف فإن الأمر سيان لسكان بلدية الكويف الحدودية فالأيام نفسها تتكرر بنفس المشهد، المعاناة والحرمان وسط يوميات جد قاهرة وفي ظروف صعبة وقاسية منذ عقود طويلة وكان الزمن كتب لسكان هذه المنطقة “مسايرة ثالوث” الحرمان، المعاناة والفقر المدقع، لم تجد المئات من العائلات المقيمة بهذه البلدية من حلول في الأفق سوى مناشدة والي الولاية لزيارة أحيائهم السكنية والوقوف ميدانيا على النقائص والعوائق التي حولت يومياتهم إلى جحيم حقيقي بسبب الصعوبات القاهرة لمسايرة أوضاعا كارثية عانوا منها طيلة عقود من الزمن،بسبب انعدام مرافق الحياة الضرورية ومنها الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وقنوات الصرف الصحي ومع تواصل المعاناة التي طال أمدها فان هذه المناطق المصنفة كمناطق ظل تحولت إلى مناطق تحت الظل جراء المعاناة في شتلا طرق الحياة اليومية.
الكويف أقدم بلديات تبسة والأكبر تهميشا
تصبح الكتابة طريقا حين تضلك شوارع الذاكرة، فثمة شبه كبير بين الكتابة والنبش في ثنايا الدفاتر العتيقة، حين كنت أستمع لأبواق التاريخ تعدد المناقب الكثيرة لـ الكويف وهي دائرة تبعد بمسافة 30 كلم عن مدينة تبسة الجزائرية، وهي من أقدم وأكبر بلديات الولاية وأكثرها غنى باحتوائها على ثروة طبيعية هامة منها الفوسفات، الحديد أهّلها لتنتزع لقب باريس الصغيرة ولتكون قطبا صناعيا أيام الاستعمار الفرنسي، لكن ما بال المدينة اليوم، تدير ظهرها لتغرق في الغياب، وذاكرة لا تحمل إلا وجها لا يزال يعانق الغياب، تجفف الحنين على شرفة الانتظار، لعل وعسى ينفض أبناؤها الغبار على كتابها ويلملمون تبعثرها.
وبعد بدء استغلال الفوسفات سنة 1893 وحتى عام 1920 كانت مدينة الكويف لا تحوي إلا بعض البيوت التي صارت لا تكفي احتياجات العاملين، خاصة أنّ كل عامل أسّس عائلة، وهنا قامت السلطات الفرنسية بإيجاد أحياء للفرنسيين وأخرى للمسلمين، وفي الأولى نجد حي قسنطينة، حي الباي، حي إسبانيول، حي المحطة، أمّا المسلمين فخصّصت لهم أحياء الحي الأبيض، حي القبائل، دوار الغربة، دوار الفوقاع مشينا في وسط مدينة الكويف وأنا أستحضر أغنية لصقت بي حنينا لصاحبها ابن الكويف البار “قدور كلاعة” وحده بقي وفيا للبدايات، وحده بقي وفيا للذاكرة ورحت أدندن “وحشك قدا أغريب قدا وما قداش، جرحك جا في الكبدة، داوني نبراش، حليلي ما أبعد هنا براسي نموت غريب“.
بعد جولة سريعة ووقوف على الأطلال التي حوّلت كلها اليوم مثل الفندق، المسبح المهمل، السينما التي تتأبط جوانبها واستقر بنا المقام بـ “الشاطو” هذا القصر الجميل الذي يتوسط المدينة ويطل عليها كلها بحسب موقعه علوا، ولأنه كذلك اختارت طيور اللقلق التي تعشق الأعالي سكناه. قبالته تجذبك مناظر الكويف المترامية، أين يوجد المنجم، ومحطة القطار والسوق الأسبوعية وحي عين الباي وكل الأحياء تقريبا ورغم ماضي بلدية الكويف منذ بدأ ثورة التحرير الوطني سنة 1954 انطلقت شرارة المقاومة في الكويف كباقي ربوع الوطن فكانت من بين أبرز البلديات الصامدة في وجه الغطرسة الاستعمارية.
ولعل أبرز معارك جيش التحرير الوطني ضد فرنسا في الكويف معركة سطح الدير الأولى والثانية التي تكبد فيها المستعمر خسائر جسيمة، حيث تم إسقاط طائرة للعدو من قبل المجاهد غنيات رابح ومن أبرز الشخصيات الثورية في هذه المنطقة الشهيد مناعي النور، الشهيد جديات المكي، الشهيد يسعد محمد، الشهيد يسعد بشير، الشهيد براهمية باشا لكن بعد الاستقلال، مباشرة شرعت السلطات المحلية في عملية تنظيم وتأطير الكويف إداريا وخدماتيا، لكن اقتصاديا وتنمويا بقيت مهمشة تماما، إذ لم تستفد البلدية من المشاريع التنموية التي تمسح له بالنهوض، إذ رغم توفر إقليم البلدية على مخزون طبيعي هائل من مادة الفوسفات تم اكتشافه مؤخرا بمنطقة عين بن دباش وكذا توفر البلدية على مواد الكربونات التي تستعمل في مختلف الأسمدة ومواد التجميل، وكذا الرخام ما دفع برئيس البلدية إلى دعوة المستثمرين للتنمية بالمنطقة مع توفير الوعاء العقاري وتسهيل كل العمليات التي تعود بالخير والنفع على الجميع من ذلك، آخر برنامج سكني بدايته سنة 2010 سيتم توزيعه خلال الأيام المقبلة، ومن جانب البناء الريفي يقول رئيس البلدية سنة 2022 استفادت البلدية من حصة شحيحة جدا قدرت بـ 35 استفادة في وقت يتواجد فيه أكثر من 700 طلب حبيسة الإدراج منذ سنوات طويلة، كما أن المستفيدين من التحصيص الاجتماعية تحصيصان ريفي، وثالث اجتماعي لم يستفيدوامن أي دينار من الصندوق الوطني للسكن.
رغم دعوة رئيس الجمهورية للكشف عن كافة مناطق الظل وتنميتها كل شيء مهمش في هذه البلدية الحدودية
ومن خلال دعوة السيد رئيس الجمهورية إلى الكشف عن كافة مناطق تحت الظل مع إلزامية كل طواقمه من وزراء وولاة ورؤساء دوائر وأميار إلى التكفل الأمثل بسكان هذه المناطق المحرومة مع كشف الحقيقة على ارض الواقع، وتكثيف الجهود للقضاء على هذه المظاهر السلبيةوالنقاط السوداء بهذه المناطق النائية المعزولة لأجل إعطاء أوليات وتيرة التنمية ومواكبة.
الظروف الصعبة لمعيشة سكان هذه المناطقومعاناتهم وانشغالاتهم التي تعلقت في مجملها بطلب إعانات مالية في إطارالبناء الريفي والتزويد بالمياه الصالحة للشرب، وبتسجيل مشاريع لإنجاز شبكات الصرف الصحي وبناء مؤسسات تربوية والربط بين الأحياء الريفيةوالفلاحية، يقول رئيس البلدية: “تراكمات لعدة عقود كانت لها أثار وخيمة على المنطقة ونحن مع بداية مجلسنا البلدي فيما يتعلق بالمياه الصالحة للشرب والتي ظل يعاني منها السكان لعدة عقود استفادت البلدية السنة الحالية من مشاريع انجاز آبار عميقة مشروعين الأول بمنطقة روس العيون لتغطية المنطقة وبعض الجهات على غرار الأبيار المالحة والنقطة الكيلومترية16 والمشروع الثاني بالبلدية مركز ونهاك دراسة تقنية لمشروع ثالث بمنقطة قصر قوراي إلى جانب تهيئة الطريق العابر لأمن الدائرة تهيئة شاملة وهناك عملية لانجاز مسالك لتسهيل الحركية بمنطقة الرميلة بالشريط الحدودي،وكذا بمنطقة النصايبية ومن اجتهادات المجلس الشعبي البلدي من ميزانية البلدية تهيئة ساحة وسط المدينة، تزويد الكهرباء للعديد من المواطنين بمناطق مختلفة بالبلدية مع الإنارة العمومية والطاقة الشمسية من حي المحطة إلىحي عين غيلان مع اقتناء مواقف للحافلات بالخطوط الحضرية إلى جانب تطوير البئر العميقة الرمضانية بروس العيون لتدعيم المنطقة بالمياه الصالحة للشرب.
ومن جانب الاقتراحات يقول رئيس البلدية معظم الأحياء ببلدية الكويف تنعدم بها التهيئة بثفة شاملة وبعضها أضحى عبارة عن مسالك، ونفس الوضع لشبكات الصرف الصحي وبخصوص المرافق الترفيهية والرياضية يوق رئيس البلدية بعد فسخ الصفقة من قبل المقاول لرد الاعتبار للمسبح البلدي تم إعادة الأشغال لإعادة فتحه من جديد، ومن جانب ما تزخر به بلدية الكويف من مرافق عمومية كقصر “رينو“، يقول طلبنا من الجهات المعنية استغلاله كمتحف بدل تركة يصارع التلف والضياع وعن أقدمسينما بشرق البلاد ببلدية الكويف والتي بدأت في تقديم العروض السينمائية منذ سنة 1912 يقول همشت لعدة عقود وأضحت مرشحة للانهيار في أي لحظة، وهي تتطلب عمليات ترميم لرد الاعتبار إليها، وهي تتوفر على مساحة 100 م2 وتعتبر تحفة فنية.
إلا أن رئيس البلدية يقول بعد اتصالنا بمدير الثقافة أكد انه لا توجد ميزانية لرد الاعتبار إليها وحتى حراسها يقول “المير“ هم على عاتق البلدية ومن جانب قطاع التربية يقول استفدنا من مشروع قطاعي من مديرية التربية لانجاز مجمع مدرسي إلى جانب 6 أقسام توسعية بكاف عقاب وروس العيون والبلدية مركز مع تسجيل نقص فادح جدا على مستوى التعليم المتوسط بروس العيون والتي تستقبل التلاميذ حتى من بلدية عينالزرقاء المجاورة وتبقى روس العيون التي تبعد عن البلدية بحوالي 5 كلم في أمس الحاجة إلى ثانوية كون البلدية تتوفر على ثانوية واحدة ” 18 فيفري والتي تضم أزيد من 700 تلميذا أضحت غير قادرة على استيعاب أعداد تلاميذ الدائرة التي يفوق عدد سكانها 25 ألف نسمة .
انعدام النقل على مستوى طريق الكويف – بكارية – تبسة
فيما يتعلق بالنقل على مستوى بلدية الكويف نحو عاصمة الولاية يقول رئيس البلدية سمير بن صدة رغم تقديم طلبات للخواص بالعمل على مستوى طريق الكويف نحو بكارية ثم عاصمة الولاية خاصة وأن العديد من المناطق على غرار “الرياشة” عين الشجرة، الموحد والطباقة حيث يعاني هؤلاء معاناة حقيقية في التنقل بين مقر البلدية أو عاصمة الولاية عن طريق بلدية بكارية وهو انشغال مطروح منذ مدة لكن الحل على مستوى مديرية النقل لولاية تبسة التي بإمكانها فتح ذات الخط مادام هناك طلبات.
ومن جانب الخدمات الضحية يقول رئيس البلدية مستشفى 80 سرير لا يقدم في الأصل أي خدمة وتقتصر الخدمات الطبية على أخذ حقنة أو ولادة طبيعية فقط لأن العمليات الجراحية تحول إلىعاصمة الولاية إذ رغم توفر الهياكل يبقى الأطباء المختصين في خبر كان ويأمل رئيس بلدية الكويف بتدخل مسؤول القطاع لرفع الغبن عن سكان المنطقة .
التعليقات مغلقة.