المسؤولية.. تشريف أم تكليف ؟ !

الخليفة الأول للمسلمين ” أبو بكر الصديق” رضي الله عنه وأرضاه،قالها جهارا نهارا وأقرها على رؤوس الأشهاد عند توليه مسؤولية الناس”قد وليت عليكم ولست بخيركم،فإن أحسنت فأعينوني،وإن أسأت فقوموني،الصدق أمانة، والكذب خيانة،والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله،والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله “،فالصديق وهو من هو عرف قدر نفسه وجسامة المسؤولية التي تحملها أمام الله وأمام المسلمين وخاصتهم،وعرف أنها تكليف وليست بوصاية أو تشريف..؟

اليوم وفي عصرنا الأغبر هذا،أصبحت الناس تسعى إلى تولي المسؤولية سعيا وتفرح بها،فهي عندهم في آخر المطاف،سواء كانوا أهلا لها أم لا،هي تشريف لهم،وهذا في نظري خطأ جسيم يرتكب ليس فقط تجاه المسؤول نفسه ،وإنما تجاه المواطنين والدولة،باعتبار أنه بعجزه وتراخيه عن القيام بما أوكل إليه،مسؤولة عنه وعن تصرفاته طالما أنه في المنصب المعين فيه،بأية طريقة كانت،فما أكثر طرق التعيين والعزل عندنا..!

والذي يجب أن يدركه المسؤول بصفة جلية واضحة،سواء كان ذلك على المستوى المركزي أو المحلي،أنه ليس بأفضل الناس وأحسنهم،من حيث التسيير والفطنة والخبرة والعلم بخبايا الأشياء،وإنما هي توزيع للأدوار و قدر وضعه في هذا المكان المحموم وبصفة مؤقتة،ليعلم المواطنين ويميزوا بين من يخدم الوطن وبين من هدفه خدمة نفسه وبعض المقربين منه،مهما كان ذلك،سواء على قصد أو عن عجز،فهو في آخر المطاف عدم حسن الاختيار..؟

وحتى وإن كانت هناك محاباة على حساب الوطن والمواطن وفرضها من فرضها من أصحاب النفوذ،وقبلها من قبلها من أصحاب النفوس الضعيفة،فإن ديننا الحنيف يقف له بالمرصاد ويعده بالأسوأ في الآخرة ناهيك عن الدنيا،قال صلى الله عليه وسلم :” ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة”ولكم أن تتخيلوا من يكون هذا مصيره ..؟ !

يقول المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس شيئا ** كنقص القادرين على التمام