البعض يراه “حرية شخصية” والآخر تعديا على تعاليمنا الإسلامية
يشهد المجتمع الجزائري، انتشار ظاهرة جديدة بين الشباب والفتيات، وهي رسم “الوشم” أو ما يعرف بـ«التاتو”، وباتت موضة السنوات الأخيرة، وأخذت أبعادا خطيرة، حذر منها أخصائيو الصحة والأئمة على حد سواء، حيث يضرب “المستوشمون” تعاليم ديننا وتحذيرات الأطباء عرض الحائط، ركضا وراء اعتقاد أن تلك الرسومات على أجسادهم “حرية شخصية” وموضة العصر.
فريدة حدادي
رغم تحريمه الواضح شرعا، إلا أن الإقبال على “التاتو”، يزداد بشكل مثير للقلق، من منطلق كونه موضة رائجة في أوساط الرجال والنساء، حيث يرغب الشباب في تقليد الفكر الغربي وتقليد الممثلين ولاعبي كرة القدم المشهورين، ويمكن رصد هذا الانتشار خلال فصل الصيف، حين يكشف الكثيرون عن مناطق معينة من جسمهم، تحمل رسومات وأشكال وكلمات أحيانا، وحتى عبارات كاملة، بعضها يبدو جد عشوائي، في حين تترجم أشكال أخرى حالات نفسية أو اجتماعية، فتكون بمعنى معين، أو تفصيل قد لا يفهمه إلا حامله.
في الوقت الذي يعتبر الغالبية من الجزائريين، أن الوشم تعدّ واضح على الدين والتقاليد وأعراف المجتمع، يرى آخرون أنه “حرية شخصية” ووسيلة للاختلاف عن بقية أفراد المجتمع، وحتى امتثال لمجتمعات أخرى، لا دين لها، هذا ما أكده بعض من يعارضون فكرة الوشم ولا يربطونها أبدا بالحرية الشخصية، حيث أوضحوا أن الوشم ليس من عادات أجدادنا، وديننا الحنيف واضح في هذا الشأن، وحتى إن كانت هناك رغبة في خوض مثل هكذا تجربة، فعادات العائلات الجزائرية لا تسمح بذلك، بل وتعتبرها انعكاسا لشخصية سيئة على شاكاة المجرمين والمنحرفين، ولا يمكن لشخص متزن وسليم التفكير في أن يوشم على جسمه أي شيء، حتى وإن كان بسيطا.
أكد آخرون ممن حدثناهم ، أن الوشم طريقة لتقليد الغرب لا غير، إذ يعتقد البعض من محبيه، أن “التاتواج” يمنح الفرد طلةمواكبة للموضة، وبذلك سوف ينتمي إلى “الأشخاص الرائعين”، و«ذوي العقول المتفتحة والتفكير العميق”، إلا أنهم في حقيقة الأمر، أشخاص ضائعون بين حلم بعيد وواقع معيش لا علاقة بينهما.
ولتبرير تصرفاتها، أشار عدد من “المستوشمين” ممن التقتهم “الراية الجزائرية“، إلى أن الوشم وسيلة للتعبير عن حرية شخصية، وأن الجسم يمكن أن يكون مساحة لتوضيح موقف، أو فقط لتجميل الجسم، مؤكدين قناعتهم بأن الوشم حرام في الدين الإسلامي، إلا أنهم يعتقدون أنه “مكروه فقط لأسباب صحية”، و«لا مشكل في القيام به”، ليتعمد البعض إخفاء كافة أجسامهم بتلك الرسوم، التي تكون في الكثير من الأحيان “جد بشعة”.
في هذا الصدد، أوضح الإمام محمد لعزوني، أن هذه الظاهرة التي تنتشر بين شباب الجزائر، تأخذ أبعادا خطيرة، وتعكس مدى الانحلال الأخلاقي والبعد عن الدين، وسط بعض الشباب، وحتى الفتيات منهم، مؤكدا أن الإسلام واضح في هذا الشأن، لدرجة أن الله يلعن الواشم والمستوشم، حسب ما وعد به رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأوضح أن بعض فقهاء الدين جعلوا الوشم من “الكبائر المحرمة”، ودليل ذلك “اللعنة” التي تسبق كلمة الواشم والمستوشم، والحكمة من تحريمها أنها محاولة للتغيير من خلق الله، وتلحق ضررا بالصحة، فالإثم كذلك يكون على الشخص الذي يساهم في رسم تلك الوشوم على الجسم، يضيف الإمام، وأشار إلى أن هذه الظاهرة باتت تبرز كثيرا في المدن الكبرى، وهو أمر مخيف، حسبه، يترجم مدى بعد هؤلاء عن قواعد ديننا الحنيف، ورغبتهم في تغيبير خلق الله والتغيير من شكلهم الخارجي.
من جهتها، قالت الطبيبة العامة، مريم صرحاتي، إن الوشم، إلى جانب إمكانية نقله لأمراض خطيرة عبر الدم، كالتهاب الكبد الفيروسي، أو نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”، يمكن أن تكون له أعراض جانبية خطيرة، خاصة على الجلد، كتهيج البشرة أو ظهور بقع حمراء وبثور، وغيرها من المشاكل، جراء وخزات الإبر التي تحمل الحبر، الذي بدوره يحمل مواد سامة ومنتجات كيماوية عالية الخطورة، لاسيما للبشرة الحساسة، وأكدت أن التراجع والبحث عن إزالة الوشم ستكلف صاحبها الكثير، إذ تتطلب أكثر من عشر جلسات “ليزر”، وهي جلسات مؤلمة تترك آثارا على البشر، مهما كانت نوعية وجودة تلك الجلسات.
التعليقات مغلقة.