جئت إلى واد الخير سنة 1985، عملت سنتين في المركز الصحي مع أطباء من الهند، باكستان ومصر، وبعدها فتحت عبادة خاصة لما كان سعر الفحص الواحد 50 دج واليوم 500 دج وأنقضنا الناس في حادثة “كوليرا” التي ظهرت في بني بفرن بسبب الماء الملوث ذلك الوقت، كنت أتنقل إلى البيوت لمعالجة مرضاي الذين ينحدرون من قرى ودواوير الجهة والولاية، قبل أن أغيب بسبب المرض عامين كاملين وأعود احتراما للعقد المعنوي الذي يربطني بالمنطقة العزيزة علي قبل المهنة المنوطة بي.
هذا ما يرويه في البدء الدكتور والطبيب العام “زلابي محمد” في حوار مثير أمس لجريدة “الراية”، قبل أن يستطرد “الثقة” هي أساس العمل الطبي، لذلك حرصت على الحضور الدائم في عيادتي، أعالج المرضى قدر ما استطيع وفي بعض الأحيان مجانا وأحيانا أخرى أساهم في شراء الدواء المرضى خصوصا المسن والمعوق منهم ومرات يطلب مني الجاه لحل عقد شباب ومشاكل عائلات مثل عرض الزواج على أحد ورد زوجة غاضبة لآخر، وحتى مرحلة العشرية السوداء – اسأل عني يا ولدي – لم أغادر المكان تضامنا وتعاطفا مع الأطفال والعجائز اللواتي كن يرونني سندا صحيا أو وليا أو أبا، فضلا كون الطبيب يجب ان يكون وفيا، وليس “تاجرا” يستغل ظروف قاصديه ويستقبل عروض “ليزافار” التي تأتي لعيادته .
عائليا كشف الدكتور أنه أب لثلاثة أبناء منهم طبيبا أسنان قيد التخرج و”عائشة” المقبلة على البكالوريا، لكني لم أفرض عليهم التخصص، بل قلت لهم “إسكافي سعيد ولا طبيب تعيس”، أنتم وشأنكم، أنا علمتني الدنيا.
وعن سؤال خاص للصحيفة حول تقاعد خريج جامعة الطب بوهران عام 1984، قال “زلابي”، التقاعد في الصحة ليس إجباري لكني سأخلد إلى الراحة العام المقبل إن تركتني الأيام أنا في منزلي، مصاب ولله الشكر أفكر في المرضى وليس في الطب، لذلك تراه يخطر ببالي دوما هل أعطيت فلانا وصفة جيدة، هل أديت مع أسرة فقيرة واجبا، هل استقبلت شيخا كما يجب.. ؟!.
التعليقات مغلقة.