اليهــــــود فــــي الجزائــــــر خلال الفتـــــــرة العثمانيــــــة نشاطهــــــم السياســـــي ودورهــــــم في احتــــــلال الجزائــــــــر
التاجران بركي وبوشناق والتغلغل في الحكم - مناطق تواجد اليهود في الجزائر وتعدادهم السكاني
وقد كادت العلاقات بين البلدين تنتهي بعد،رحل قنصلها عن مدينة الجزائر وبعد استخلاص هذا المبلغ وزعه الداي على من كانت لهم ديون على البكري ولكن بحضوره حتى يضع حدا للشكاوي المتكررة ورغم ذلك بقيت على بكري ديون وهو ما استدعى بيع جميع ممتلكاته في المزاد العلني عام 1826 بثمن قدره 320000 ريال وليست هذه المرة الأولى التي تمت فيها مصادرة ممتلكات لليهود فإثر انتفاضة 1805 ضدهم تعرضت ممتلكات بكري وبوشناق للمصادرة .
كذلك قبلها قام والداي مصطفى بمطالبة نابليون بونابرت بديون الجزائر في 12/08/1802 ، فأعطى هذا الأخير الأوامر لاتخاذ إجراءات التسديد إلا أنالظروف الطارئة في الجزائر وفرنسا عطلت ذلك ، حيث كانت فرنسا في حروبها النابليونية بأوربا والتي لم تنتهي إلا في معركة “واترلو” سنة 1815 في حين كانت الجزائر منشغلة بثورة ابن الأحراش والمجاعة الخطيرة التي عمت البلاد وبثورة الانكشارية سنة 1805 التي أطاحت بالداي مصطفى الوزناجي بسبب سماحه لليهوديان بكري وبوشناق بتصدير الحبوب الجزائرية إلى الخارج رغم حاجة البلاد إليها وبسبب هذه الظروف تم تأجيل قصية الديون إلى تاريخ لاحق وبالضبط سنة 1818 على عهد الداي حسين .
مناطق تواجد اليهود في الجزائر
1 – منطقة تمركزهم :
عاشت التجمعات اليهودية في المدن الشمالية خصوصا الساحلية وتأثرت مباشرة بما كان يحدث في الايالة وبقراراتها غير أن درجة هذا الارتباط والتأثر بها تناقصت حدته كلما زادت المسافة الأصلية بين المراكز التنفيذية القرارات والسياسات والتجمعات اليهودية ، حيث كانت حياة اليهود في الجنوب والواحات مثلا أكثر استقرارا امنيا من الشمال لبعدها عن الاضطرابات والمعارك ، بينما نسبة كبيرة من اليهود في الشمال توجهوا للعاصمة بسبب تأثر الأوضاعالسياسية والأمنية والاقتصادية .
وفي مدينة الجزائر مثلا كثيرا ما غادرت عائلات يهودية كليا البلاد بمجرد كساد تجارتها والعودة إلى الجزائر كذلك تحكمها أيضا نفس المحفزات والشروط ومدى الاستقرار إلى حد جعل حياتهم بين الجزائر مثلا وايطاليا وتونس وفرنسا واسبانيا وبالتالي كانت هويتهم مركبة من كل هذه الهويات المختلفة مما يؤدي إلى صعوبة تحديد جنسية هذه العائلات فعليا فهي إذن تنتمي لكل هذه البلدان .
لقد كان هؤلاء كشركاتهم ومحلاتهم متعددي الجنسيات فكانت عائلة كوهين مترددة بين مدينة الجزائر ومدينة ليفورن الايطالية لفترة طويلة ، وكان عقد الذمة يفترض على الدولة الإسلامية حماية امن وممتلكات وحريات اليهود حيث في الحارة أو ” الملاح” كتب ” بيدو بوسانحا” منح اليهود وسائل الراحة أكثر ممن يمنح المسلمون أنفسهم ، في ميزاب عاش اليهود في جو من الأخوة والتسامح مع المسلمين الإباضيين ولم يسجل التاريخ أي تجاوزات أو انتهاكات لحقوقهم ، فقد كان كل طرف يعيش في جو
محترم ومتكامل وكان عدد اليهود في منطقة القبائل قليلا جدا لذلك لم يحتاجوا إلى التجمع في حي خاص بل عاشوا مثل سكان المنطقة حيث اشتغلوا عادة بصبغة الحلي والجواهر الفصية والذهبية خاصة في ” بني بني ” وتكلموا باللهجة القبائلية .
2- تعداد اليهود :
فقد ذكر ماسون انه في إحصاء تقديري لسكان مدينة الجزائر عام 1621 كان العدد 160 ألف نسمة منهم 97 ألف من الأهالي 30 ألف من الأتراك و 10 آلاف من اليهود وكان كل من محمد دادة ونجوى طوبال قد لخصوا آراء المؤرخين حول أعداد اليهود في مدينة الجزائر ، فإن ايزانيث قد لخص بدوره هذه الآراء حيث وجد ايزانيث في وثيقة أخذتها من الأرشيف الفرنسي تعود إلى فترة مابين 1660- 1616 م إن عدد اليهود في الجزائر يتراوح مابين 8 آلاف نسمة و 9 آلاف نسمة ، وقد قدر ” دافيو” عددهم عام 1674 مابين 10 آلاف و 12 ألف نسمة وهي الأرقام متقاربة إلى حد كبير لكن إحصائية ماسيون لعام 1724 التي قدرت عددهم بـ 5 آلاف نسمة ونلاحظ أن اليهود في تزايد خلال القرن 18 لاسيما النصف الأول منه ولعل ذلك يعود الى عدد الوافدين من أوروبا خاصة من ليفورن لكن النصف الثاني من القرن 18 حمل معه تراجعا في عدد اليهود بالجزائر ولعل ذلك يعود إلى :
اقتصاديا : التغيرات التي عرفها البحر الأبيض المتوسط خاصة تراجع نشاط الأسطول البحري الجزائري الذي كان يوفر المادة الأولية الخام للنشاطات اليهودية ونقصد بذلك الأسرى والغنائم كانت تباع فتوفر سلعا يتاجر بها اليهود .
صحيا : من جهة أخرى لا يمكن إغفال تأثير الظروف الصحية على مجموع سكان الجزائر بمن فيهم اليهود فمرض الطاعون الذي أصاب المنطقة عام 1793 و 1794 أدى إلى موت 1771 يهودي وكان يقتل ما بين 50 و 150 شخصا يوميا بقسنطينة .
ثم إن الظروف السياسية التي عاشتها البلاد في بداية القرن 19 م خصوصا الثورة على اليهود جعلت كثيرا منهم يغادرون البلاد ، كما حدث مع 200 عائلة يهودية هاجرت إلى ليفورن ومنها عائلتي بكري وبوشناق اللذان فرا على متن سفينة سويسرية في حين هاجرت 100 عائلة إلى تونس ، ونتيجة لهذه العوامل تراجع العدد الإجمالي ليهود الجزائر ففي مدينة الجزائر كان العدد الإجمالي في حدود 5 ألاف نسمة سنة 1824 م .
التعليقات مغلقة.