الرحوات قرية صغيرة تابعة لبلدية حيدوسة بدائرة مروانة في باتنة، تقع على بعد ثلاثين كلم غرب العاصمة باتنة، متجذرة في عمق الأوراس الأشم، وتعتبر واحدة من أجمل الوديان في الجزائر، ورغم ذلك لم يجعلها مشهورة، ومع ذلك فهي لا تفتقر إلى أصول الرحوات، بدءا من طواحين المياه الشهيرة التي أطلق عليها اسمها.
لها منبع جميل وجذاب يسمى “عين تيتاوين” أو مصدر العيون، ينبع بقوة من خليج صخري، ومحاط بجرف صغير، حيث يشكل بركة صغيرة، قبل أن ينطلق من قاع الوادي. منذ وقت ليس ببعيد خلق منبع آخر مكونا شلالا جذابا، وبسبب الأعمال التي تم إنشائها بجوارها جف المنبع .
لكن منابع أخرى قريبة جدا من المنبع الرئيسي تغذي المجرى الصغير جدا، الذي يمر عبر الوادي . على هذه الضفاف على اليمين كما على اليسار توجد بساتين مورقة صغيرة، تحدها أشجار التوت البري، وأشجار الجوز، وأشجار الصفصاف.
يوجد في هذه الجنة الريفية الصغيرة العديد من الأشجار المثمرة، بما في ذلك أشجار المشمش و التفاح وأشجار الرمان و أشجار التين، وخاصة أشجار الجوز.
أشجار الجوز ساحرة لن تراها في مكان آخر وبعضها أكثر من عمر متقدم جدا. يتدفق خرير الماء صافيا وغير ملوث كالبلور، ولا يختلط إلا من غوص الضفادع الخضراء التي أذهلت مرورنا. هنا لا توجد ضوضاء السيارات، لا ضوضاء مزعجة تزعج نسمات الرياح ولا في الأشجار أو أغنية الطيور أو خرير مجرى المياه،أشجار الجوز هي نوع بيئي يجب حمايته تماما.
يقول أحد مسؤولي: الحظيرة الوطنية لبلزمة :” هذا النوع من الأشجار أدمج منذ قرون وتأقلمت جيدا مع المناخ” . هناك العديد من الأماكن مثل هذا في الرحوات ويمكن أن تصبح أقطاب جذب ويناشد بالاهتمام بالسياحة الزراعية حسبه.
ويعتمد على التعريف الدقيق للسياح و الزوار، الذين يكتشفون مسارات وطرق صغيرة مثل مسار الرحوات.
في نفس الوقت يمكنهم تناول المنتوجات المحلية المضمونة، مثل الفواكه الموسمية، و الأطباق التقليدية ، و الراحة تحت أشجار الجوز الساحرة.
تتدفق الحياة في الرحوات بهدوء، مثل مياه مجاريها، حيث لا يوجد سوى مسارات للمشاة، وهو ما يجلب السائح العابر، أما الشتاء في الرحوات قارس جدا، و الثلج يتساقط بشدة، كما يتضح من حزم الخشب أمام كل بيت، جميع الناس تأخذ احتياطاتها لمواجهة أوقات الشتاء الباردة.
تحت أنظارنا، فوق سهل صخري، تمتد في أحضان وادي من هنا نكتشف من أجمل الأماكن في البلاد، وسلسلة من البساتين الساحرة، والمياه تجري بصوت خريرها في جميع الاتجاهات، قبل أن تلج في أعماق الأرض الضيقة.
منطقة تعتبر أجمل حتى في وقت الجفاف، وتحيا وتزدهر في الربيع، بقرب من المنزل تحت ظلال الجوز تنتظرنا مفاجئة، آثار رومانية ، صخور منقوشة برموز قديمة كما يوجد رحى قديم للزيتون مما يدل على قدمه في القرية. آلة الرحى مصنوعة من الحجارة المثقوبة، تشبه المهراس بشكل مثلث، له مخرجين على جانبيه من الجهة السفلى.
وهذا فخر لتاريخنا القديم لانضمامها لحساب أي متحف، الرحوات غنية بالمياه، هذا الأخير ليس ببعيد ،حيث كان يشغل 14 رحى موزعة على طول الواد، كون أن الرحوات المتواجدة بباتنة بعيدة على المنطقة، وتكون عملية الرحى في نفس المكان، وأن أغلبية الرحى معطلة أو في حالة مزرية ، رحى الرحوات “تاشيرث” كما نقول نحن، لا علاقة بالرحى الموجودة بأوروبا الذي يشتغل بلا ماء.
إن آلة الرحى بمدينتنا من ابتكار محلي جزائري، الماء يخرج من الساقية يصل عبر قناة حتى الرحى، بيت صغيرة مبنية بالطوب و الحجارة مسقفة بالخشب، تدخل في مكان ضيق في الأسفل للرحى، وذو روضة ذات أسنان، بدورها تدور الميكانيزم، الذي يحرك الحجرة فوق المطحنة قمع من حطب ، يحول الحبوب إلى المطحنة لإيقاف المحرك، ثم سحب الحبل أو الخيط لقطع العملية ، ليدور الماء نحو الساقية، الماء و الخشب ، وقليلا من العبقرية تمنح صناعة عبقرية كاملة.
التعليقات مغلقة.