يتأخر الحمل عند بعض النساء أحياناً وقد تطول مدته سنوات وسنوات مما يسبب لهن القلق والتوتر ويشعرهن بالحزن والألم،وغالباً ما يساهم المجتمع في تأجيج هذه المشاعر لدى المرأة لأن جزءا واسعا منه لا يرى أنوثتها إلا من خلال أمومتها فيحاصرها بأسئلته ويذكّرها بعاداته وتقاليده ويشعرها بعقدة نقص لا ذنب لها فيه.
كتبت حدادي فريدة
طبيعة المرأة تتألف من ثلاث كيانات هي الأنثى والزوجة والأم فإن طغى كيان على آخر تتغير عاطفتها وسلوكها، بحيث تختار بعض النسوة اللواتي يعانين من العقم تربية أبناء الأقارب والإخوة للشعور ولو بجزء ضئيل بإحساس وعاطفة الأمومة.
تجارب بين النجاح والفشل
ربيتهن ونسيت نفسي فنسوني الآن هكذا تقولفريدة التي لم تتزوج وكانت مشغولة بتربية أولاد إخوتها وهي على عتبة الـ 80 تعترف أنها أخطأت فالأولاد ليسوا أولادها وإن أفنت عمرا في تربيتهم، تقول إنهم يحبونها لكنهم يفضلون أهلهم إذ يمر أكثر من شهر أحيانا ولا تراهم.
تقول عايدة التي أفنت حياتها في تربية أولاد أختها الأرملة وكانوا ينادونها ماما عايدة تزوجت بعمر لا يسمح لها بالإنجاب وكانوا هدفها على حساب نفسها لدرجة تسببت بطلاقها لاحقا وقد تركت لهم أملاكها وهم لم يتركوها حتى الرمق الأخير، إنهن أمهات من دون أولاد فيهن تغلبت عاطفة الأمومة ولم تجد أحيانا من تتدفق لأجله.
كريمة تزوجت وهي في منتصف الثلاثينيات واجهتها أمراض منعتها من تحقيق حلم الأمومة تقول أشعر أحيانا أن رحمي قنبلة موقوتة ولا أقوم بانتزاعه ما يزال لديّ أمل ضئيل ولن أضيعه وقد أجهضت خمس مرات ولا تزال تحتفظ بسرير الطفل وأغراضه التي جمعتها في كل حمل وتتمنى أن تكون أمًّا فالأولاد بهجة الحياة وإلا فما قيمتها وتقول إنها تأثرت جدا عندما عرضت صديقتها المقربة أن تحضن لها جنينا في رحمها لكنها لم تجد المخرج القانوني للأمر.
عاطفة الأمومة فطرية
يرى المختصون في علم النفس ان توصيف العلاقة التي تجمع الأم بطفلها تختلف من موقف إلى آخر فهناك رابطة الأمومة وهي مرتبطة بعمليتي الحمل والولادة وهناك غريزة الأمومة وهي غريزة فطرية بيولوجية تبدأ من الطفولة وهي هرمونية وجينية وتتطور مع العمر عند الأنثى وهناك حب الأمومة وهذا الحب قد يوجد عند الأنثى حتى لو لم تنجب أطفالا.
فعاطفة الأمومة هي فطرية بيولوجية في البداية لكنها تصبح مكتسبة اجتماعيا بعد أن تنجب فالكيان الطبيعي للأسرة يتألف من أب وأم وأطفال ويكون عدد الأطفال وتوقيت الإنجاب برضا الزوجين ولكن عندما يكون الزواج قائما على حاجة أو رغبة الإنجاب فقط فهنا يعتبر هذا الكيان معرضا للانهيار لأن أصل الزواج ليس قائما على الأولاد فقط بل على أسس عديدة كالحب والاحترام والمشاركة والمودة والرحمة أيضا لذا فإن غياب القدرة على الإنجاب قد يكون سببا للاضطرابات النفسية عند الأنثى في حال ربطت مفهوم السعادة أو الاستقرار بوجود أطفال فهناك الكثير من البيوت تنعم بالأطفال ولا يوجد فيها سعادة وقد نجد فيها حالات طلاق مما يعني أن وجود الأطفال أو غيابهم لا يؤثر على العلاقة الزوجية إنما تقبل الطرفين لهذا الأمر أو رفضهما له هو ما يحدد صحة العلاقة وبالتالي الصحة النفسية للأنثى.
أمهات بأشكال مختلفة
هناك أدوارا كثيرة ربطت بين الأنثى والطفل مع أو بدون رابط أمومة مثل المرأة المنجبة التي تحمل وتولد الطفل لكن لا ترعاه أو تتركه لسبب قاهر والمرأة المرضعة التي ترضع طفلا لم تنجبه مع طفلها مقابل أجر والمرأة المربية التي تتولى رعاية وإطعام وحماية والاهتمام بطفل لم تنجبه والمرأة الأم التي تحمل وتنجب وتربي وتهتم بكافة تفاصيل الطفل إنه في الحالة الأخيرة تكون الأمومة كاملة ومن هذا المنطلق يرى علم النفس أن المرأة التي لم تنجب لا يمكن أن تكون ناقصة أو مشوهة فهي وإن خسرت إحدى خصائصها بأن تكون أمًّا بيولوجية لطفل- تمتلك خصائص وأدوار عديدة يمكنها القيام بها حتى لو لم تحمل الطفل في رحمها.
إن طبيعة المرأة تتألف من ثلاث كيانات وهي الأنثى والزوجة والأم وبالتالي فإن طغى كيان على آخر تتغير عاطفة المرأة وسلوكها وبرأيها فإن الزوجة التي تحب زوجها وتقدره ويكون محور حياتها واهتماماتها وسعادتها لن تتأثر بغياب الأطفال عن حياتها وبالتالي لن تميل إلى تعويض عاطفة الأمومة برعاية أبناء الأقران أو الأقارب أو الأخوة، أما المرأة الأم -التي لا تسعد إلا باكتمال عناصر الأمومة- فلا يمكنها أن تعيش بدون هذه العاطفة وإلا ستشعر بالنقص، الأطفال هم زينة الحياة الدنيا ومتممات السعادة ومكملات الحياة الزوجية وسبب لاستمرار البشرية
التعليقات مغلقة.