بعد السابع من أكتوبر
من إعداد الدكتور هاني طالب
أصدر مركز الزيتونة ورقة علمية بعنوان: “تكثيف نهج التدمير الصهيوني في الأراضي الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر: مقاربة نظرية”، وهي من إعداد الدكتور هاني طالب. وتعرض الورقة النهج التدميري الملازم للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، منذ نشأته وحتى تكثيفه بعد السابع من أكتوبر 2023. وترتكز الدراسة على مقاربة هذا النهج في ضوء عقيدة “الصدمة”، لـ”نعومي كلاين”، واستراتيجية “الضاحية”، التي طورها “جادي آيزنكوت”، لفهم أهداف السياسات الصهيونية القائمة على العنف الممنهج، والإبادة الجماعية، ومحاولات محو الشعب الفلسطيني وإزالته.
وتكمن أهمية الورقة في أنها تسعى إلى قراءة المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني باعتباره مشروعاً
قائماً على التدمير والمحو منذ نشأته، مع إبراز كيفية تكثيف هذا النهج بعد السابع من أكتوبر 2023، بما يكشف عن أهداف تتجاوز البعد العسكري لتصل إلى إعادة تشكيل وعي الفلسطينيين ومحو وجودهم المادي والمعنوي. كما تضع الحالة الفلسطينية في سياق مقارن مع تجارب استعمارية استيطانية أخرى، بما يبرز خصوصيتها في السياق الدولي الراهن.
وقد تناول الباحث د. هاني طالب في هذه الورقة نموذج الاستعمار الاستيطاني كإطار لفهم العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر في فلسطين، حيث يشكّل التهجير والإبادة ركائز مركزية في المشروع الاستعماري الإسرائيلي، ويظهر ذلك من خلال عقيدتيْن أساسيتيْن تحددان السلوك الإسرائيلي الممنهج؛ الأولى هي عقيدة “الضاحية” والتي تعتمد على استخدام القوة المفرطة والدمار الشامل كأداة للردع، والثانية هي عقيدة “الصدمة” والتي توضح كيفية استثمار الصدمات الجماعية في إعادة تشكيل وعي الشعوب وتطويعها سياسياً.
وسلّط الباحث الضوء على الساحة الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر 2023 وما شهدته من تصاعد غير مسبوق
في العنف الإسرائيلي، تمثَّل في الحرب الوحشية والإبادة الجماعية في قطاع غزة، التي وصفها قادة الاحتلال بأنها “حرب استقلال ثانية”، إلى جانب التدمير وتهجير سكان مخيمات شمال الضفة الغربية. وبيّن الباحث أن هذه الممارسات ليست إلا جزءاً من سياسات استعمارية ممنهجة تستهدف الإبادة والمحو، سواء عبر القضاء على الجسد الفلسطيني من خلال القتل والتهجير، أم عبر تدمير المكان بمنازله وبنيته التحتية، أم عبر محو الوعي الوطني من خلال الصدمة والترهيب.
كما أشار الباحث إلى مساعي الاحتلال لإعادة تشكيل الوعي الفلسطيني، من خلال أساليب “كيّ الوعي” التي تهدف إلى إقناع الفلسطينيين بعدم جدوى المقاومة، وصولاً إلى إنتاج “إبستمولوجيا استعمارية” جديدة تقوم على التطبيع والتعايش الاقتصادي، في مقابل التنازل عن مشروع التحرر الوطني.
وخلصت الورقة إلى أن النهج التدميري الإسرائيلي بعد 7/10/2023 ليس مجرد ردّة فعل ظرفية، بل هو استمرار لسياسة استعمارية استيطانية ممنهجة تستهدف محو الشعب الفلسطيني وإزالته، وأن نجاح هذ النهج في
تحقيق غاياته مرهوناً بقدرة الشعب الفلسطيني على التمسك بعقيدته الوطنية، وبما ستفرزه المرحلة التالية من إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني ووحدة الموقف الوطني.
التعليقات مغلقة.