التنمـر الالكـتروني” يهدد الصحة النفسية للشباب

8

الظاهرة أخذت أبعادا خطيرة

حذر الدكتور رمزي بوغرومة، المختص النفساني، من انتشار ظاهرة التنمر وسط المجتمع الجزائري، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة المجتمعية باتت تأخذ منعرجات خطيرة، لما لها من آثار نفسية وخيمة ترافق الضحية طوال حياته، موضحا أن التهاون مع الظاهرة وعدم كبحها، جعلها تصل إلى مستويات أعلى، بلغت حد استعمال وسائط التواصل الاجتماعي لممارسة تلك السلوكيات الخطيرة، ووصول المتنمر إلى ضحيته رقميا.

فريدة حدادي

انتشرت خلال السنوات الأخيرة عبر العالم، ظاهرة اجتماعية جد خطيرة، تتمثل في التنمر، وهي تصرفات عنيفة يمارسها البعض على آخرين، تثير الكثير من المشاكل، والتي تبقى آثارها بارزة إلى سن متقدمة على نفسية الضحية، وأصبحت في الآونة الأخيرة من الظواهر التي يتم التماسها كذلك بشدة في المجتمع الجزائري، والتي كثيرا ما حذر منها خبراء النفس، لما تحمله من آثار خطيرة، لاسيما بعدما بلغ التنمر حد الوصول إلى الشخص بطريقة رقمية، من خلال التنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي وسيلة جديدة يعتمد عليها المتنمرون للوصول إلى ضحاياهم والإساءة إليهم، من خلال شتى الطرق، غايتهم الوحيدة في ذلك، تدمير حياة ضحاياهم مهما كلفهم الثمن.

ويعتبر التنمر سلوكا لفظيا عنيفا، يمارسه الشخص على ضحيته، يقول الخبير النفساني، مشيرا إلى أنه يتم اختيار الشخص الأكثر ضعفا، و إبراز من خلال شتائم، ما لديه من صفات غير جيدة، عادة متعلقة بشكله أو إذا ما كانت لديه إعاقة أو مشكل جسدي، تصيب بذلك الضحية بمشاكل نفسية تزيد حالته تعقيدا، ويصبح يركز على مشكله، وهو ما يدفعه إلى الانطواء على نفسه وفقدان الرغبة في مواجهة مجتمعه.

وقد أرجع المختص رمزي بوغرومة انتقال سلوك التنمر من الواقع إلى العالم الافتراضي، لسهولة وصول المتنمرين إلى ضحاياهم، موضحا أن تلك الظاهرة اصبحت تتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار الفيسبوك والانستغرام وتويتر، وغيرها من وسائط التواصل الاجتماعي.

وأضاف قائلا: لعل المحير في الأمر، أن ظاهرة التنمر كانت سابقا، تمارس من طرف الأطفال على آخرين، لعدم بلوغهم مرحلة التفرقة بين الصح والخطأ، وتفكيرهم البسيط في أن كل اختلاف بين الأشخاص أمر غريب، ويحق لكل شخص إلقاء أحكام على غيره إذا أراد ذلك، إلا أن اليوم، وصلت تلك الظاهرة إلى البالغين، وبات التنمر يتم بين الشباب، وهذا ما دفع الكثير من الخبراء إلى إجراء دراسات للبحث وراء الدافع الرئيسي من انتشار هذه الظاهرة.

وقد شدد محدثنا  على أن التنمر أصبح من الظواهر المثيرة للجدل، خصوصا في المجتمعات العربية المسلمة، التي لابد أن تحكمها مبادئ أساسها الاحترام المتبادل، مرجعا تنامي الظاهرة إلى انعدام البعد الأخلاقي، وتخلى بعض الأولياء في تربية الأطفال عن تلك المبادئ والقيم، وهذا ما جعل من التنمر عادة تبقى راسخة حتى مع كبر الفرد.

أوضح رمزي بوغرومة، أن التنمر الرقمي لا يقل جدية وخطورة من التنمر المباشر، خصوصا أنه يصيب الضحية بقدر ما يصيبها عند تعنيفه لفظيا مباشرة، بل وقد يكون أخطر من ذلك، خصوصا أن التنمر ينتشر وسط مجموعة كبيرة من المشاهدين ورواد تلك المواقع، ويفتح المجال أمام الجميع، وكل راغب في التعليق، الإساءة أكثر للضحية، ويتم ذلك ـ يضيف الخبيرـ من خلال صور أو تعليقات أو فيديوهات تخص الضحية، هدفها الإساءة إلى صورته أو ابتزازه أو شتمه ، أو نشر أكاذيب، أو مشاركة صور محرجة، أو معلومات خاصة، الهدف من ورائها تشويه صورة الضحية وجعله يعاني.

أضاف الخبير، أن آثار التنمر تتجسد في إرساء الخوف والقلق والحزن والغضب أيضا في نفسية الضحية، تبلغ بالتكرار مرحلة الانطواء والرغبة في العزلة، خوفا من تلك الأحكام والإساءات اللفظية، ويعاني بذلك الضحية مع كبر سنه، مشاكل نفسية أكثر تعقيدا، مثل الأرق المستمر، وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كان يستهويها، أو فقدان رغبة مزاولة مهامه اليومية، كالدراسة أو العمل، والانطواء التام عن المجتمع، وفقدان الثقة بالنفس، يضيف المختص.

ولعل أخطر مرحلة قد يبلغها الضحية، يقول رمزي بوغرومة؛ الرغبة في إنهاء حياته والانتحار، موضحا أن في بعض الحالات لا يعترف الضحية بالمشكل الذي يعانيه، ولا يتحدث عن الأمر مع أحد، ويخبئ أحزانه عميقا، ليصل به الحد إلى عدم الرغبة في الحياة ويلجأ للانتحار، اعتقادا منه بأنه المنفذ والمفر الوحيد لما يعيشه.

أكد المختص النفساني، أن المتنمرين هم أيضا من الحالات المرضية، لأن المتنمر هو كذلك شخص يعاني من مشكل نفسي عميق، يحاول تشتيت الانتباه حوله، مثل غياب تقديره للنفس، أو شعوره بقلة اهتمام من حوله، فيحاول إثارة اهتمام المحيطين، من خلال استغلال ضحية، كما أنه يفتقد الثقة في النفس.

 

التعليقات مغلقة.

Headlines
الاخبار::