الاحتفاء بنخيل التمر في الجزائر عبر العصور تراث شعبي عريق توارثته الأجيال

2٬087

فتأسس إثرها تراث ثقافي وشعبي توارثته الأجيال يتمثل في مجموعة من الطقوس والأغاني والأهازيج والأمثال الشعبية جعلت من فاكهة الصحراء الجزائرية مصدر إلهام وشاهد على هوية شعب بأكمله.


حدادي فريدة

ترسخت هذه الثقافة أو المعارف والحرف المرتبطة بنخل التمر في السلوك الجماعي فأنتجت تاريخا وموروثا شعبيا غنيا تداولته الأجيال شفاهة وتدوينا في بعض الأحيان من خلال الشعر والأدب وكذلك عبر أهازيج وأمثال وألغاز وقصص ومعتقدات نسجتها المخيلة الشعبية عبر العصور.


النخلة مصدر خير وبركة 
اتخذت الثقافة الشعبية في الجزائر من النخلة منبعا لتوليد معاني وصور نجدها في بعض الأمثال الشعبية المتداولة لحد اليوم في المدح أو الذم أو للنصيحة والتوجيه على غرار ما يردده سكان منطقة توات حين يقولون النخلة ما تشوف في عواجها تشوف في أعواج أختها ويقصد به تنبيه للذين يتعرضون لعيوب الناس وينسون أنفسهم أو المثل القائل إذا راك غارس أغرس النخلة تربح الظل وتأكل من العرجون دلالة على القيمة الاقتصادية والمعنوية للنخلة.


طقس اللمة أو التويزة  
بحلول موسم الجني الذي ينطلق شهر أكتوبر إلى غاية ديسمبر عبر مختلف واحات الجزائر تحدث الباحثون في التراث والأنثروبولوجيا عن طقس اللمة أو ما يعرف بـ التويزة حينما تقوم العائلات التي تملك مساحات شاسعة من الأراضي بالتعاون فيما بينها ليتولى البعض عملية الجني ويتكفل آخرين بالفرز والشمرخةوهي عمليات تتطلب الكثير من الجهد والتعب أما عملية الفرز فغالبا ما تتولاها النسوة وتنتهي هذه اللمة بتقسيم التمر بين المساهمين في شكل تضامني أخوي جميل جدا تعم فيه البركة والخير على الجميع.


و في قصر بريان بولاية غرداية يتخذ موسم جني المنقر -أولى بوادر التمر الموسمية- احتفالية ملفتة ومثيرة تعكس القيم الاجتماعية التي مازال المزارعون يحافظون عليها حيث يتبع متسلق النخلة بروتوكولا اجتماعيا يتمثل في إعلان نيته وإقباله على الصعود فيردد ثلاث مرات بصوت مرتفع،طالع للنخلة يا جيران محدثا بذلك تنبيها ذكيا ينم عن انضباط اجتماعي.


و يعتبر المزارعون بداية جني هذا الصنف من التمر بمثابة الفأل الحسن التي تزهر بوادره عند منتصف أوت وإلى غاية 20 سبتمبر ويبقى المشاركون إلى غاية نهاية عملية الجني للالتفاف حول الختمة وهي عبارة عن حلقة ذكر يرأسها مشايخ وعقلاء القرية تقرأ فيها فاتحة الكتاب وبعض السور القرآنية وترفع الدعوات والشكر لله وبعدها يتم تقاسم المحصول ويجتمعون حول مائدة واحدة للأكل والشرب للاحتفال بنهاية التويزة .



ويشير ابراهيم باشي ناشط جمعوي بتقرت في ذات الشأن أن متعهد النخلة وهو يمسك بجذعها يحضر نفسه لتلك المهمة ويردد كلمات تجلب البركة ويكرر الصلاة على النبي المصطفى طالبا السلامة للمحصول ووفرته، ويروي الفلاحون في المغير أيضا أن تسلق النخيل يعتبر تراثا تعاقبت عليه الأجيال أبا عن جد حيث يسمح للصبي في الثماني سنوات ببدء أولى محاولاته لتعلم تقنيات ربط الحزام قبل أن يتقن عمليات القطع والتزبير أو التزيانفي مناطق أخرى.


فاكهة الصحراء الجزائرية 
كما تحظى فاكهة الصحراء الجزائرية بمكانة عالية لدى الجزائريين كلهم فهي حاضرة في المواسم الدينية والاحتفالية وهي رمز للسخاء والتقارب بين الأفراد كما تحمل تسميات متعددة بالنظر إلى تنوعها وخصائص كل نوع فهناك دقلة نور والغرس والطنطبوش والحمراي والتكرمست نبودري والثوري وأحمر مسابوزمرة ميمون وغيرها من المسميات التي تعكس الثروة الطبيعية والثقافية لهذا المنتج.

التعليقات مغلقة.

Headlines
الاخبار::