يتنازلن عن حق الحضانة للآباء
الطلاق أبغض الحلال عند الله سبحانه وتعالى وبعض العلاقات الزوجية يكون الانفصال نهايتها بعد انسداد كل الطرق لإيجاد الحلول فيكون الطلاق أحسن حل يختاره الزوجان وفي العادة تكون حضانة الأطفال للأم المطلقة حسب الشرع والقانون وأعراف مجتمعنا إلا انه في السنوات الأخيرة باتت الأم التي هي في الأصل منبع الحنان تتنازل ـ أحيانا ـ عن حق حضانتها لأطفالها بكل سهولة للأب وتترك أبناءها الصغار لأسباب واهية وقد يكون التخلي عن الأبناء لدوافع انتقامية وإعاقة الزوج إن أراد فتح مشروع زواج جديد وهو ما نجده على رأس الأسباب.
فريدة حدادي
تسبح بعض الأمهات وللأسف في الاتجاه المعاكس للفطرة التي وُلد عليها الإنسان فأول ما يجد المولود الجديد بعد فتح عينيه أمه منبع الحنان لكن في العصر الحالي بتنا نسمع ونرى مواقف تعقد لها الالسن وتجلب الحيرة والشفقة بحيث صارت بعض الأمهات يتخلين عن أبنائهن بكل سهولة ويتحججن بوقع صدمة الطلاق والانفصال والمهمة الصعبة في تربية الأبناء فيتخلين عنهم إلى الطرف الآخر وهو الأب ويكون ذلك بداية لمشاكل عويصة بسبب عدم قدرة الأب على تحمل مسؤولية الأبناء بعد الطلاق مقارنة بالأم فالأب مكانه العمل وجلب قوت العائلة أما الأم فهي في العادة ماكثة بالبيت وحتى ولو كانت عاملة ليست حجة للاستغناء عن فلذات أكبادها بعد الطلاق مهما كانت الظروف.
هي حكايات ومشاهد مأساوية بتنا نقف عليها في مجتمعنا وتبقى وصمة عار تطارد الأم بعد طلاقها ولم يكن يعرفها مجتمعنا بالأمس الا ان الزيجات الجديدة صار فيها كل ممنوع مسموح منها موضة التخلي عن الأبناء بعد الطلاق ووضعهم في كفة الزوج تحت السلطة الأبوية واختيار الاستقلالية بدل رعاية وتربية الأطفال وتنشئتهم تنشئة سليمة فمشاكل الطلاق وآثاره يتكبدها الأطفال حتى وإن تكفّلت الأم بمهمة الحضانة فما بالنا اليوم حيث يحاول كل طرف بما فيهم الأب وألام بعد الانفصال الهروب من المسؤولية وترك الأطفال ثمار مشروعهما الفاشل في بحر من الضياع والهموم.
أطفال في كفّة الضياع
صيحة جديدة في مجتمعنا أفرزها الطلاق ان صح التعبير تزعمتها بعض الأمهات بقيامهن بالتخلي عن فلذات أكبادهنوتسليمهم للزوج لدوافع شتى منها الانتقام من الزوج وعرقلته عن بناء حياته مرة أخرى وجعل الأطفال الورقة الرابحة في تصفية الحسابات بين الزوجين وهو ما لا يتقبله العقل البشري فالأم كمنبع حنان تحولت في لحظة إلى منبع للشر والانتقام ضد أبنائها وهو ما عايشناه في مجتمعنا حسب تجارب حية عالجتها أروقة المحاكم في قضايا الطلاق وصور مشاهدها الواقع المرّ لأطفال ضائعين بين أم انسلخت عن أمومتها وأب تائه وحائر ماذا يفعل لاحتواء الوضع ومواجهة المصير المحتوم في رعاية أبناء كمهمة صعبة على الجنس الذكوري.
هي حكاية أسرة عايش اطفالها نفس المصير بعد تفكّك العلاقة الزوجية التي أثمرت عن ولادة طفلين وبنت اذ بعد اندلاع مشاكل بين الزوجين قررا التوجه إلى أروقة المحاكم من اجل الطلاق وبالفعل تم الانفصال وتفاجأ الأب بتنازل الأم عن الحضانة له على الرغم من أن أبناءه صغار يحتاجون إلى حضن أمهم الدافئ ورعايتها الكاملة الا ان إلام اختارت الاستقلالية فوجد الأب نفسه حتى قبل النطق بحكم الطلاق متحملا مسؤولية ثلاثة أبناء صغار مما اضطره بعد الطلاق إلى الزواج مرة أخرى قصد ضمان رعاية أبنائه خاصة أن عمله لا يسمح له بالمكوث في البيت ولحسن الحظ وجد امرأة طيبة تزوجها عوضت أبناءه الثلاثة حنان الأم التي تحولت إلى وحش آدمي وانسلخت عن مشاعر العطف والحنان تجاه فلذات كبدها فهي لم تر أبناءها منذ عامين حسب الزوج.
قضية أخرى عالجها القضاء مؤخرا انتهت بالطلاق بين الزوجين بعد تسلط الزوجة الذي تحمّله الزوج لأزيد من 20 سنة حفاظا على أسرته وأثمر الزواج بنتين وولدا: بنت كبرى تجاوزت سن الرشد بقليل وبنت وولد قاصرين وتفاجأ الأب بتنازل الأم عن الحضانة للأب بكل سهولة ووجد نفسه مسجونا بين جدران البيت يطبخ ويكنس ويرعى أبناءه ولحسن الحظ انه عامل حر لكن قال إن كل شيء يهون لرعاية أبنائه بعد ان انعدمت مشاعر الرحمة من قلب أمهم فهو ملزم بتعويض حنانها لأبنائه الثلاثة وانتشالهم من كفة الضياع التي كانت من تخطيطها وللأسف.
هي عينات حية يندى لها الجبين بعد ان تحولت بعض الأمهات إلى منبع للشر والحرمان ضد فلذات أكبادهن وعلى الرغم من أنها حالات شاذة ونادرة الا أنها باتت تتكرر على مسامعنا وبتنا نشاهدها في الواقع مما ينبئ بانهيار هرم البناء الأخلاقي المجتمعي ويزعزع استقرار الاسر لاسيما أن مجتمعنا يبجل الأموحتى الإسلام يبجل الأم ووضع الجنة تحت أقدامها فهل يصحّ إطلاق صفة الأم على من قامت بالتخلي عن فلذات كبدها وفضلت الاستقلالية وعيش الحرية بعيدا عن الأعباء وانفلتت من مهمة الرعاية والتربية وسلمت المشعل للأب؟!
فعلا هي ظواهر مؤسفة بتنا نعيشها والغريب في الأمر أنها تشهد صمتا مطبقا فلا تحليل ولا نقاش لتلك الآفات الدخيلة على مجتمعنا من اجل الردع ووضع الحلول وحماية الأطفال ضحايا الطلاق من الضياع والتشتت.
التعليقات مغلقة.