لا يتعلق الأمر بتصريح نُسب إلى رئيس الكيان الصهيوني من قبل شخص أو أطراف معادية للصهيونية، إنما بنيامين نتنياهو نفسه هو من قال ذلك بوضوح في مقطع فيديو متداول حاليا على الإنترنت. “هتلر لم يكن يريد إبادة اليهود في ذلك الوقت. أراد طردهم. لكن الحاج أمين الحسيني (المفتي الأعلى للقدس بين 1921 و1948) قال له: إذا طردتهم، سيأتون جميعًا إلى هنا. قال هتلر له: إذن ماذا أفعل بهم؟ أجابه الحسيني: اقتلهم!”
هذه هي قصة المحرقة حسب رواية نتنياهو، مختصرة في محادثة قصيرة بين أدولف هتلر والحاج أمين الحسيني. بالنسبة لرئيس الكيان الصهيوني، لم يكن هناك أي أيديولوجية قومية اشتراكية أو منظّري النازية الذين أثروا على هتلر، ولا عنصرية ألمانية في أشكالها الأكثر تطرفًا، وبالتأكيد لا تمجيد لـ”العرق الآري” مقابل من هم من “دون البشر” (untermensch) من الأعراق السامية. لا، ليس هناك شيء من هذا. ارتكب النازيون الألمان المحرقة، ولكن فكرة إبادة اليهود لم تكن لتخطر ببالهم أبدًا لو لم يلقنهم العرب ذلك…
الجميع يعرف أن نتنياهو يكذب كما يتنفس. دعونا نتذكر مقابلته مع جاك شيراك (أكدها السفير الإسرائيلي الذي كان حاضرا) التي قال فيها الرئيس الفرنسي السابق، مستاءً من أكاذيب محدثه، مباشرةً في عينيه: “لا أصدق كلمة واحدة تخرج من فمك”. ولكن الذهاب إلى حد التلاعب بالتاريخ من أجل تشويه سمعة العرب وتبرير جرائمه ضد الفلسطينيين، هذا لم يعد كذبًا، بل هو انحطاط ما بعده انحطاط.
منذ توليه منصب رئيس الوزراء لأول مرة عام 1996، ارتكب نتنياهو جرائم لا تحصى ضد الفلسطينيين. وهو ينهي ولايته الأخيرة في الانحطاط، ممقوتًا من العالم بأسره، للمجازر ولإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة.
يعتقد الكثيرون في جميع أنحاء العالم أن نتنياهو بصدد القيام بكل شيء لإطالة الحرب. وهذا حتى لو اضطر إلى تدمير ما تبقى من غزة ومضاعفة عدد القتلى والجرحى. حتى لو اضطر إلى تحويل جميع سكان غزة إلى “شعب بلا مأوى” بعد تحويل غزة بأكملها إلى أنقاض. وهو ليس ببعيد عن هذا الهدف عندما نعرف تواطؤ الغرب وعجز 57 دولة عربية وإسلامية. عجز عبرت عنه بوضوح الإدانات العقيمة والمطالب الفارغة الواردة في البيان الختامي لقمة الرياض.
وبالتالي، فإن مصلحة نتنياهو تكمن في إطالة الحرب، لأنه يعرف أنه بمجرد سكوت الأسلحة، سيكون أول من يضطر لتقديم تفسيرات أمام شعب أكثر غضبا تجاهه. ناهيك عن القضاء الإسرائيلي الذي ينتظر نهاية ولايته لإعادة فتح الملفات اللامحدودة للفساد والإثراء غير المشروع.
تبرئة هتلر واتهام العرب بالمحرقة، والخطابات المتعلقة بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء وحرق الجثث ورميها في سلال المهملات. كل هذه الأكاذيب الصارخة التي يسوقها نتنياهو على أمل تبرير جرائم الحرب التي لا تتوقف عن ارتكابها القيادات السياسية والعسكرية للكيان المغتصب منذ خمسة أسابيع.
كل هذه الأكاذيب الصارخة التي تكشف عن حالة الهوس المتقدمة التي يعاني منها رئيس الوزراء الإسرائيلي. مثل ديك مقطوع الرأس، يدور نتنياهو حول نفسه دون أن يعرف ماذا يفعل أو إلى أين يذهب لتفادي المصير المشؤوم الذي ينتظره.
التعليقات مغلقة.