ورّط تقرير جديد، الكرة الجزائرية في الفساد مجددا، بعد التحقيق الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في الشهر الماضي، والذي كشفت فيه حقائق خطيرة عن وجود تلاعب بنتائج المباريات وتسعير لنتائج الفوز والتعادل وركلات الجزاء، كما أشار التقرير أيضا إلى قيام اتحاد الكرة الدولي “فيفا” بإجراءات قصد التحقيق في الأمر.
ونشرت مجلة “فرانس فوتبول” الرياضية الفرنسية تقريرا جديدا، تمحور حول الفساد في كرة القدم الجزائرية، مستندة إلى شهادات أحد المتورطين مباشرة في هذا الفساد، والذي يحمل اسم “خالد”، والذي قدم تفاصيل مثيرة وصادمة عن الوضع الذي تعيشه المنظومة الكروية الجزائرية خلال الـ15 سنة الأخيرة، من منطلق أنه وسيط في التلاعب بنتائج المباريات بين مسؤولي الأندية والحكام
وعلى سبيل المثل، نشرت “فرانس فوتبول” قائمة لأسعار المباريات في دوري الدرجة الأولى الجزائري، حيث قالت إن الفوز خارج القواعد مثلا يكلّف حوالي 60 ألف يورو، أما التعادل خارج القواعد فيكلف 15 ألف يورو، وبشأن سعر ركلة الجزاء خارج القواعد فيكلف ما بين 7 آلاف إلى 15 ألف يورو.
وبالنسبة لدوري الدرجة الثانية، كشفت المجلة الفرنسية نقلا عن مصدرها بأن التلاعب في نتائج المباريات يبدأ منذ المرحلة الأولى من الدوري الذهاب، حيث يكلف الفوز خارج القواعد في هذه المرحلة ما بين 6 آلاف إلى 7 آلاف يورو، ويرتفع السعر في مباريات الإياب إلى 30 ألف يورو للمباراة الواحدة أمام التعادل فتبلغ قيمته حوالي 7 آلاف يورو.
وفي ما يتعلق بتسعيرة ركلات الجزاء، فإنها تكلف في مرحلة الذهاب من الدوري حوالي 4 آلاف يورو، ويتضاعف سعرها ليصل إلى حوالي 8 آلاف يورو في مرحلة الإياب.
ووجه مصدر مجلة “فرانس فوتبول” اتهامات صريحة إلى العديد من الأطراف، بالضلوع في الفساد، حيث قال إن الأمر يتعلق برؤساء الأندية وحكام المباريات وحتى اللاعبين والجماهير.
ومنحت “فرانس فوتبول” مثلا عن الفساد المستشري في الكرة الجزائرية، حيث قالت إن أحد الحكام والذي يعمل ممرّضا بموازاة عمله كحكم ساحة، قد جمع ثروة طائلة في ظرف وجيز، وهو ما يجعل التساؤلات والشكوك تدور حوله، بعد أن تمكن من الحصول على سيارات فارهة وبنايات وأملاك عقارية في الجزائر وفرنسا.
كما نقلت المجلة أيضا تصريحا لأحد الحكام رفض الكشف عن هويته، حيث قال: “قمت بفعل المستحيل كي أبتعد عن هذا المحيط المتعفن، لأنني أرى اليوم أن الفساد أصبح امتدادا لمهنتي كحكم”.
وكانت الساحة الكروية في الجزائر، قد تلقت صدمة قوية في شهر سبتمبر الماضي، بعد انتشار أنباء عن عزم الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” فتح تحقيق حول شبهات فساد، تحوم حول المنظومة الكروية في البلاد وبشكل خاص مسابقة الدوري.
وكشف وقتها تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن قيام مراسلها بالجزائر، بإجراء تحقيق دام 3 سنوات كاملة، وتوصل إلى نتائج صادمة مفادها تفشي “الفساد الكروي” والرشى وشراء ذمم الحكام، والتلاعب بنتائج المباريات وترتيبها لصالح طرف معين على حساب آخر.
كما ضم التقرير حقائق صادمة عن الطرق المتبعة في ترتيب نتائج المباريات واللعب فيها عبر وضع سلّم أسعار دقيق يضم الأموال التي يتم دفعها كرشى، لشراء ركلة جزاء، أو شراء الفوز في مباراة وحتى نتيجة التعادل.
وبحسب التقرير، فإن “فيفا” شرع في فتح تحقيق بشأن “الفساد” الذي يضرب الكرة الجزائرية منذ عدة سنوات، ما يعد ضربة قوية لمسؤولي كرة القدم في البلاد، والهيئات الكروية وفي مقدمتها الاتحاد الجزائري للعبة ورابطة الدوري.
وسبق لوسائل الإعلام في الجزائر، تناول موضوع الفساد المستشري في المنظومة الكروية الجزائرية، لكن كثيرا ما تم دفن هذا الموضوع في المهد، حيث لم يتم التوصل إلى أي نتائج رغم قيام الهيئات المختصة بفتح عدة تحقيقات.
وتعيش الكرة الجزائرية على وقع مشاكل لا حصر لها على غرار عنف الملاعب، وكذلك فشل نظام الاحتراف، رغم مرور 9 سنوات من تجسيده، بسبب تخبط الأندية في الديون وأزمات مالية فضلا عن تراجع مستوى الدوري وأداء لاعبيه.