الثورات الشعبية الكبرى التي قامت في مختلف أنحاء العالم ، خاصة منها التي عرفها العصر الحديث ، أمثال الثورة الأمريكية ،الفرنسية ، الروسية ،والصينية ، وطبعا مؤخرا خلال القرن العشرين الثورة الجزائرية، خطط لها رجال على دراية وشيء من العلم وليس فقط مجموعة من الثوار والمجاهدين الرافضين للتواجد الاستعماري،ونفذها بعد ذلك ثلة من الشجعان المؤمنين بحرية الشعوب وكرامة الأوطان..؟
وإن كان ما جرى وما يجري داخل وعلى هامش هذه الثورات لا يعنينا بصفة مباشرة،فإن كل واقعة حدثت إبان ثورتنا التحريرية يعد من صميم اهتمامنا ويعني كل جزائري غيور على أرض دفعت بخير أبناءها من أجل العزة والكرامة..؟
ومع أن ثورة الفاتح من نوفمبر وقعت في العصر قريب منا حيث ما زال من عايشها وصنع أحداثها وأمجادها يعيش بيننا ،إلا أن بعض معالمها وأفراحها ومآسيها غير معروفة للجميع ،وليست في متناول كل مهتم بتاريخ الثورة والحركة الوطنية الجزائرية، وهذا بسبب تكتم الكثير عن بعض الحوادث والتجاوزات التي وقعت بين الإخوة الأعداء لسبب أو لآخر ..؟
فالحوادث كثيرة وغامضة وتعليلها وإقناع من سمع بوقائعها أو قرأ عنها لا يمكن أن يقتنع بالتفسير الرسمي المتداول ،خاصة منها وعلى سبيل المثال أسباب قتل شيحاني بشير ، وعباس لغرور ،والقتال بين جيش التحرير وجيش بن لونيس ، وغير ذلك ، حيث يتطلب الأمر إلى شجاعة كبيرة ومناسبة وأجواء ملائمة للإقدام على كتابة هذه الحوادث بكل أمانة وروح علمية بعيدا عن العاطفة أو المجاملة الشخصية..!
وهذا ماكان يعنيه المؤرخ الفرنسي الكبير “بنجامين ستورا” الذي حاضر ذات مرة بالمركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة ، حيث قال:”إن محاولة كتابة تاريخ الجزائر تظل ضحية جملة ملابسات سياسية تفرضها توجهات معينة”،فإلى متى يبقى هذا الهوان والتسيب وعدم المبالاة تسيطر على مقدراتنا ،خاصة وأننا أمام تاريخ أجيال قدمت لأجل الوطن أعز ما تملك ..؟ !