ثلاثة أفلام مغربية في مهرجان حيفا السينمائي

0 275

كان للإعلان عن مشاركة ثلاثة أفلام مغربية في مهرجان حيفا السينمائي وقع الصدمة على الوسط الثقافي والفني، وبين الناشطين المناهضين للتطبيع مع إسرائيل، خاصة في بعده الثقافي الذي يعتبره كثيرون الركن الثابت والصلب في تكريس عزلة الاحتلال الإسرائيلي عن محيطه الجغرافي والإنساني، والحفاظ على القضية الفلسطينية جمرة متقدة في الذاكرة والحس الجماعيين.

ثلاثة أفلام لثلاثة مخرجين: “غازيا” (الغارة) لنبيل عيوش، الذي مثّل المغرب في تصفيات أوسكار أفضل فيلم أجنبي العام الماضي، و”بدون وطن” للمخرجة نرجس النجار، الذي عرض مؤخرا في مهرجان برلين الدولي، ثم “صوفيا” للمخرجة مريم بنمبارك الذي اختير للمشاركة في دورة مهرجان كان 2018 ضمن فئة “نظرة ما”.

ولعل القاسم المشترك بين هذه الأسماء انتماؤها إلى دائرة الثقافة الفرانكفونية من حيث النشأة والتكوين والتوجه الفكري الذي صادم في كثير من المحطات الشرائح المحافظة في الحقل الاجتماعي والعمومي المغربي؛ مما جعل نخبة واسعة من الناشطين والفاعلين في المجال الثقافي يتطلعون إلى مدى تفاعل المخرجين مع موجة الرفض التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي ضد التطبيع السينمائي مع دولة غاصبة.

موقف ثابت

وعلى هامش المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا، الذي تشارك فيه المخرجة نرجس النجار بفيلمها “بدون وطن”، طغى الموضوع على الندوة الصحفية المخصصة لمناقشة الأفلام، حيث أكدت المخرجة أنها فوجئت بعدد الرسائل التي تلقتها حول مشاركتها في مهرجان إسرائيلي لم تكن تعلم عنها شيئا، ذلك أن الموزع الدولي للفيلم هو الذي يتولى ترويج العمل عبر المهرجانات الدولية، دون علم المخرج أحيانا.

وأوضحت أنها بادرت على الفور لمطالبة الموزع بسحب المشاركة في المهرجان، انسجاما مع قناعاتها التي لا تنبني على مواقف أيديولوجية، بل على قيم إنسانية تناهض الاحتلال والقمع.

وشددت على أن موقفها لم يصدر إطلاقا نتيجة ضغوط الرأي العام على صفحات التواصل الاجتماعي، بل هو تكريس لموقف ثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد سياسة قمعية رهيبة.

وأكثر من ذلك، أعلنت المخرجة المغربية أنها ستشارك في مهرجان سينمائي برام الله دعما للقضية الفلسطينية، ونوهت إلى أنها تتبنى مبدئيا فكرة تشجيع مبادلات ثقافية تقفز على الحدود وتقرب بين الشعوب، لكن المشاركة بفيلم في مهرجان إسرائيلي تعدّ على ضوء السياسات الإسرائيلية الراهنة بمثابة تزكية لهذه الممارسات التي تسلب الشعب الفلسطيني حقه في الحرية.

وكان المخرج والناقد السينمائي عبد الإله الجوهري نشر رسالة مفتوحة إلى المخرجة نرجس النجار، أعرب فيها عن خيبته إثر الإعلان عن مشاركة المخرجين المغاربة في مهرجان حيفا “المدينة الشهيدة الشاهدة على الغصب الصهيوني والتشريد الذي تعرض له الآلاف من أبناء هذه المدينة وكل المدن الفلسطينية، كي تقام دويلة على أسس الظلم والعدوان، دويلة تبحث لنفسها عن شرعية مفقودة، من خلال فعاليات وأنشطة يقاطعها أصحاب الرؤوس العالية، ولا يساندها ويمجدها إلا من كانت رؤوسهم في الحضيض الأسفل من الوحل والعار والشنار”.

ضد التطبيع
وذكر الجوهري -الذي نشر رسالة ثانية منوهة بقرار النجار سحب الفيلم، وبمواقف الآلاف من الفنانين العالميين الذين اتخذوا مبادرات إنسانية تجاه فلسطين، ووقفوا في وجه الكيان العنصري الإسرائيلي، وموقف العشرات من الفنانين الذين قاطعوا مؤخرا مسابقة “اليوروفيزيون” كإدانة لما يتعرض له الشعب الفلسطيني على يد “همج القرن العشرين والواحد والعشرين”.

وعلى صعيد مؤسساتي، استنكر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مشاركة الأفلام الثلاثة في المهرجان الإسرائيلي السينمائي الذي ينظم دورته 34 في الفترة من 22 سبتمبر الحالي إلى الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وفي مقابل الموقف الواضح الذي عبّرت عنه نرجس النجار، والذي توج بحذف “بدون وطن” من قائمة الأفلام المشاركة، فإن التصريحات والبيانات التي صدرت عن نبيل عيوش ومريم بنمبارك، بتأكيدهما معا رفضهما المشاركة في المهرجان وعدم علمهما بقرار المشاركة أصلا الذي يتخذه الموزع للفيلم في المهرجانات الدولية؛ لم تبدد حالة الغموض التي تلف الموضوع.

فقد أعلنت مريم بنمبارك أنها طلبت سحب فيلمها “صوفيا”، مؤكدة أنها ضد الاضطهاد والحصار الذي يعانيه الشعب الفلسطيني تحت نير الكيان الصهيوني. في حين شدد نبيل عيوش على أن موقفه تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واضح، محيلا إلى فيلمه الوثائقي “أرضي” الذي كان قد تناول وجهتي نظر الشيوخ الفلسطينيين المهجرين من أراضيهم إلى الشتات وشباب المستوطنات الذين ولدوا أو شبوا على أرض ليست لآبائهم.

ولمح عيوش إلى أنه لا يتحكم في الترويج الدولي للفيلم الذي يتولاه موزع يملك حقوق التصرف.

لكن حتى ساعات قبل اختتام المهرجان، يظل الفيلمان مدرجين على الموقع الرسمي لمهرجان حيفا، ويظل السؤال مطروحا حول التزام المثقف والفنان تجاه القضايا القومية والإنسانية بين الشعار والممارسة.

(عن الجزيرة)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Headlines
الاخبار::