الكل قد مرت به في حياته هذه المقولة التي مضمونها إن التاريخ يكتبه الأقوياء والمنتصرون، هي إلى حد كبير مقولة صحيحة وإن كانت تحتاج إلي تدقيق لكي نقف على حقيقة مدلولها، ذلك لأن القوة والنفوذ وإن كانتا تملكان فرض الحقيقة واقعيا ،إلا أنهما لا يملكانها بصفة مطلقة والتي بإمكانها تؤدي نفس النتائج إذا توفرت نفس الأسباب.. ؟
في وقت مضى كانت السلطة السياسية التي خرجت منتصرة داخليا أو خارجيا هي من يكتب التاريخ، ليس تاريخ المنطقة التى تفرض نفوذها عليها فحسب بل تاريخ البشرية بشكل عام حسب ما تمليه عليها أهواؤها ومصالحها وما يبقى عليها قائمة ومستمرة في السلطة التي وصلت إليها وتعمل لكي تبقى فيها .. !
فمنذ أن وعينا وأصبحنا ندرك ونحن نسمع ونقرأ أن من يمتلك القوة والنفوذ والمال السياسي يمتلك الحق في تسمية الأشياء والنفوس كيفما شاء رهبة من الحاكم ورغبة في التقرب منه ،فكان يمتلك أقلام المؤرخين والمثقفين والكتبة و يجيرها لتكون طوع هواه سواء كان ذلك سلطة تنفيذية أو روحية ،وهذا لكتابة الوقائع والأحداث التي هي التاريخ..؟
كل هذا يمكن أن يمر ويمكن هضمه ،لكن ان يدخل رجال الدين في اللعبة فيكون لديهم نفوذاً يفرضوه على المؤرخين،فهذه ثالثة الأثافي كما يقال،لقد أصبحت كتابة التاريخ في ظل سطوتهم جزء من التأريخ للمؤسسة الدينية ، فالمؤرخ هو الذي يكتب التاريخ طبقاً لرغبات السلطة وأصحاب النفوذ وليس فقط طبقاً لتسلسل الأحداث واعتماده على مصادر معينة مثبتة،كي يكون له مصداقية وكي تكون كتاباته خير شاهد على العصر الذي عايش مجرياته أو أختاره لكي يكتب عنه نظرا لتخصصه فيه.. !
كان ولا زال التاريخ يكتب لأغراض عدة منها تسجيل الأحداث التي يقوم بها الأفراد والجماعات والشعوب ،وأيضا سرد مناقب الملوك والقادة وتمجيد دورهم لتكون في يوم ما دروسا وعبرا للأجيال التالية والأمم ..؟ !